حدثنا عيسى بن هشام قال: كنت بالأهواز في رفقة متى ما ترق العين فيهم تسهل ليس فينا إلا أمرد بكر الآمال . أو مختط حسن الإقبال . مرجو الأيام والليال . فأفضنا في العشرة كيف نضع قواعدها . والأخوة كيف نحكم معاقده. والسرور في أي وقت نتقاضاه . والشرب في أي وقت نتعاطاه . والأنس كيف نتهاداه . وفائت الحظ كيف نتلافاه . والشراب من أين نحصله . والمجلس كيف نرتبه . فقال أحدنا : علي البيت والنزل . وقال آخر: علي الشراب والنقل ولما أجمعنا علي المسير استقبلنا رجل في طمرين في يمناه عكازة . وعلي كيفيه جنازة . فتطيرنا لما رأينا الجنازة وأعرضنا عنها صفحا . وطوينا دونها كشحا . فصاح بنا صيحة كادت لها الأرض تنفطر . والنجوم تنكدر. وقال : لترنها صغرا ولتركبنها كرها و قسرا. ما لكم تطيرون من مطية ركبها أسلافكم وسيركبها أخلافكم. وتتقذرون سريرا وطئه آباءكم. وسيطؤه أبناؤكم أما والله لتحملن علي هذه العيدان. إلي تلكم الديدان. ولتنقلن بهذه الجياد . إلي تلكم الوهد. ويحكم تطيرون كأنكم مخيرون. وتتكرهون. كأنكم منزهون. هل تنفع هذه الطيرة. يافجرة. قال عيسى بن هشام : فلقد نقص ما كنا عقدناه . وأبطل ما كنا أردناه. فملنا إليه وفلنا له: ما أحوجنا إلي وعظك. وأعشقنا للفظك. ولو شئت لزدت. قال: إن وراءكم موارد أنتم واردوها وقد سرتم إليها عشرين حجة:
وإن امــرأ قد سار عشرين حجة ***** إلي منهل من ورده لقريب .
ومن فؤقكم من يعلم أسراركم. ولو شاء لهتك أستاركم . يعاملكم في الدنيا بحلم ويقضيي عليكم في الآخرة بعلم. فليكن الموت منكم علي ذكر . لئلا تأتوا بنكر فإنكم إذا استشعر تموه لم تجمحوا. ومتي ذكر تموه لم تمر حوا. وإن نسيتموه. فهو ذاكركم. وإن نمتم عنه فهو ثائركم. وإن كرهتموه فهو زائركم. قلنا: فما حاجتك. قال : أطول من أن تحد وأكثر من أن تعد . قلنا: فسانح الوقت . قال: رد فائت العمر . ودفع نازل الأمر. قلنا : ليس ذلك إلينا ولكن ما شئت من متاع الدنيا وزخرفها . قال : لا حاجة لي فيها وإنما حاجتي بعد هذا أن تخدوا أكثر من أن تعوا .
تعليقات
إرسال تعليق