حدثنا عيسى بن هشام قال: كنت بأصفهان أعتزم المسير إلي الري . فحللتها حلــول الفي . أتوقع القافلة كل لمحة . وأترقب الراحلة كل صفحة . فلما حم ما توقعها . نودي للصلاة نداء سمعته . وتعين فرض الإجابة . فانسللت من بين الصحابة . أغتنم الجماعة أدركها . وأخشى فوت القافلة أتركها . لكني استعنت ببركات الصلاة . علي وعثاء الفلاة فصرت إلي أول الصفوف . ومثلت للوقوفوتقدم الإمام إلي المحراب . فقرأ فاتحة الكتاب بقراءة حمزة . مدة وهمزة . وبي الغم المقيم المقعد في فوت القافلة . والبعد عن الراحلة . وأتبع الفاتحة الواقعة وأنا أتصلي نار الصبر وأتصلب وأتقلي علي جمر الغيظ وأتقلب . وليس إلا السكوت والصبر . أو الكلام والقبر . لما عرفت من خشونة القوم في ذلك المقام . أن لو قطعت الصلاة دون السلام . فوقفت بقدم الضرورة . علي تلك الصورة . إلي انتهاء السورة . وقد قنطت من القافلة . وأيست من الرحل والراحلة . ثم حني قوسه للركوع . بنوع من الخشوع وضرب من الخضوع . لم أعهده من قبل . ثم رفع رأسه ويده . وقالسمع الله لمن حمده وقام حتي ما شككت أنه قد نام . ثم ضرب بيمينه يمينه . وأكب لجبينه . ثم انكب لوجهه . ورفعت رأسي انتهز فرصة . فلم أر بين الصفوف فرجة . فعدت إلي السجود . حتي كبر للقعود . وقام إلي الركعة الثانية . فقرأ الفاتحة والقارعة قراءة استوفي بها عمر الساعة . واستنزف أرواح الجماعة . فلما فرغ من ركعتيه . وأقبل علي التشهد بلحييه . ومال إلي التحية بأخدعيه . وقلت قد سهل الله المخرج . وقرب الفرج . قام رجل وقال : من كان منكم يحب الصحابة والجماعة . فليعرني سمعه ساعة . قال عيسى بن هشام : فلزمت أرضي . صيانة لعرضي . فقال: حقيق علي أن لا أقول غير الحق . ولا أشهد إلا بالصدق . قد جئتكم ببشارة من نبيكم لكني لا أؤديها حتي يطهر الله هذا المسجد من كل نذل يجحد نبوءته . قال عيسى بن هشام: فربطني بالقيود . وشدني بالحبال السود . ثم قال: رأيته صلي الله علية وسلم في المنام . كالشمس تحت الغمام . والبدر ليل التمام يسير والنجوم تتبعة . ويسحب الذيل والملائكة ترفعه . ثم علمني دعاء أو صاني أن أعلم ذلك أمته . فكتبته علي هذه الأوراق بخلوق ومسك . وزعفران وسك . فمن أستو هبه مني وهبته . ومن رد علي ثمن القرطاس أخذته . قال عيسى بن هشام : فلقد انثالت عليه الدراهم حتي حيرته وخرج فتبعته متعجنا من حذقه بزرقه وتمحل رزقه وهممت بمسألته عن حاله فأمسكت . وبمكالمته فسكت . وتأملت فصاحته في وقاحته وملاحته في استماحته . وربطه الناس بحيلته . وأخذه المال بوسيلته . ونظرت فإذا هو أبو الفتح الإسكندري . فقلت: كيف اهتديت إلي هذه الحيلة . فتبسم وأنشأ يقول:
الناس حمــــر فجــــوز ***** وابرز عليهم وبرز .
حتـــى إذا نلـــت منهـم ***** ما تشتهه ففــروز .
تعليقات
إرسال تعليق